السبت، 17 مارس 2012

ليلة في حي القصور

محمد حسن السوري
بدأ القصف يتزايد شيئا فشيئا،الكهرباء مقطوعة ووميض الانفجارات يشوش على ظلام الغرفة ، وبدا الأولاد مرعوبين، ولكن القذيفة الأخيرة كانت قريبة ومدوية جدا بحيث أزالت الشجاعة التي يحاول الأب التظاهر بها. وصرخ :

إلى الغرفة الداخلية .
يهرع الجميع في هلع شديد مع صوت انفجار قوي يهز البناء ، فيسمع صوت الزجاج يسقط متناثرا وسط الظلام المخيف ،يتراكض الأولاد مرعوبين وتصرخ الأم بأولادها: تلمسوا طريقكم واحترسوا ،لا تجرحوا أقدامكم بالزجاج.
يهتز البناء مع انفجارات وأصوات انهيارات من مكان غير بعيد.
أصوات بكاء أطفال وصرخات نساء واستغاثة من الخارج ،يستعد الأب لمعرفة المصدر ،لكن صراخ أسرته وتزايد القصف منعه من ذلك ، يرتج البناء فيلتصق الأولاد بأمهم ويحتمون بها.
الصغير :سأختبئ تحت السرير وسيحميني.
صرخت الأم :لا ستختنق من الغبار ومن الممكن أن يشتعل السرير من القذيفة وتموت حرقا
الأب: أفضل مكان آمن هو الحمام.
الصغار: هو بارد جدا ورطب.
الأم: ليس رطبا فالماء مقطوعة . ولكن ما هذا الزمن ،نحن نقعد بالحمام ،كي يظل ابن الحرام قاعدا على كرسي الحكم.
يستسلم الجميع لقدرهم ،ويلجؤون للدعاء.
البنت الصغيرة :كل يوم هكذا؟ لماذا لا نسكن عند جدتي ؟ .
الأب : هناك القصف أشد ، ثم كيف سنخرج الآن والقناص يتصيد من هب ودب.
الأم : رغم أني موسوسة فهيا إلى الحمام فهو أفضل من الموت.
يهرعون إلى الحمام وأزيز الرصاص يطاردهم ودوي القذائف يصم الآذان .
رن الهاتف فأهملوه.ألح كثيرا بالرن ،يبدو أنه مهم، خطط الوالد للتسلل للرد على الهاتف وسط الظلام والقصف، غطى رأسه بيديه وتلمس طريقه ، عند وصوله توقف الرنين .
سيخطط الآن للعودة إلى الحمام ليجتمع الشمل ،ولكنه مشوار شاق وطويل طويل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق