الأحد، 20 مايو 2012

ثائر سوري.. نظرة من الداخل (4)







بسم الله الذي بحمده تتم الطاعات، وبشكره وحده تدوم الأعطيات. وأزكى الصلاة وأتمّ السلام على سيد الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

إخوتي وأحبتي أهديكم اليوم الحلقة الرابعة من سلسلتي المسماة: “ثائر سوري.. نظرة من الداخل”.
وموضوع اليوم رسالة.. رسالة من أرض الرباط الحق إلى كل من سمى نفسه مسلما في هذه الدنيا، رسالة من القابضين على الجمر
المجاهدين في سبيل الله إلى كل من أعلن عبوديته لخالق الأكوان وحده لا شريك له.
اعلم يا عبد الله أن ما نزل بشام المسلمين إن هو إلا فتنة وبلاء عظيم، امتحان عسير يخوضه المسلمون فيصطفي الله فيه جنده وعباده الصالحين لأمر لا يعلمه إلا هو سبحانه.
قد زلزلت الأرض من تحتنا مرات ومرات.. قد هوت السماء فوق رؤوسنا مرات ومرات.. تكالبت علينا الأمم وأتانا العدو من فوقنا ومن أسفل منا، عن يميننا وعن شمالنا. حاصرنا الأعداء وحجبوا منا إخواننا.. وأَتونا عُزّلاً لا نملك سوى “لا إله إلا الله” لنحارب بها. وما نقموا منا إلا أن نؤمن بالله العزيز الحميد، الذي له ملك السماوات والأرض.
قلناها كلمةً: “الله أكبر”، فرموا مظاهراتنا بمضادات الطيران.. يا بشار أتضرب متظاهرين عزل بمضادات الطيران؟! لا نطلب منك استخدام الرصاص المطاطي بل أملنا أن نُضرب بالقناصات وحسب!!
أعلناها صراحة وأمام العالم بأسره: “هيَ لله، هيَ لله.. لا للسلطة ولا للجاه”، فلم يُعجب ذلك الولايات المتحدة، وانهالت حممهم فوق رؤوسنا. قصفونا بالطائرات والراجمات، دخلوا بيوتنا بالدبابات، ضربوا مظاهراتنا بالمدفعية والهاون.
وقفنا صامدين وقلنا بعزة الإسلام “لن نركع إلا الله” فارتعدت إسرائيل وإيران وحزب الشيطان. فهاهي المروحيات الإسرائيلية تحلق في سماء إدلب الخضراء وحمص الوليد، وهاهم أتباع حسن نصر الشيطان يعيثون في بلادنا فسادا.. أهكذا تردون الجميل يا أبناء المتعة؟ أَبَعدَ أن آويناكم في بيوتنا وأطعمناكم من طعامنا في حربكم المزعومة مع إسرائيل، يكون معروفكم أن تقصفوا الزبداني بالصواريخ وأنتم مختبئون كالجرذان في لبنان؟

أخزاك الله يا نبيل العربي، أخزاك يا مشير مصر، لعنك الله يا بان كي مون، كيف تجرؤ أيها الخسيس على قول أن القاعدة هي المسؤولة عن تفجيرات دمشق؟ أهذا ما خلصت إليه بعد التفكر والتدبر؟ إنه فكر وقدر، فقُتل كيف قدر، ثم قُتل كيف قدر.
كل ما يجري اليوم إنما هو مؤامرة دولية على ثورتنا البطلة التي لم تعرف الانكسار، يُرسَل المراقبون وتُفَجّرُ سياراتهم ونسحبهم “نحن” من بين الركام، أبطال جيشنا الحرّ هم من يحمي المراقبين من نيران الأسد، ثم يخرج علينا “روبرت مود” ليقول أنه يشكر النظام على تعاونه!

إن ثورتنا المجيدة فتحت عيونها على العالم فوجدت نفسها وحيدة يتيمة منذ اليوم الأول، لم تجد معها أما ولا أبا ولا صديقا ولا أخا، ما رأت إلا كلابا تنبح في وجهها. إن كل متظاهر في الشارع يدرك تماما أنه هو الرقم الصعب، وأن ثورته هي الثورة الحقيقية التي ستغير تاريخ البشرية بأسرها. سامحوني إخوتي في مصر، سامحوني إخوتي في تونس، سامحوني إخوتي في اليمن، ولا تحزنوا من كلمة حق سأقولها.
إن ثوراتكم قد تمت سرقتها والتلاعب بها، ميدان التحرير العظيم الذي كان ملهما لشبان سوريا قد تم اختطافه.. تونس الجميلة التي مُلأت بالمتظاهرين الرائعين حتى ظَنّت أنها تحررت.. تم الضحك عليها. أنتم يا مجاهدي اليمن ضحيتم بالكثير، فلماذا لم تكملوا حتى النهاية؟
أقولها وبكل أسف.. إن ثوراتكم لم تحقق أهدافها التي خرجت من أجلها. في مصر: كيف يمكن لسلطة أتت بعد الثورة أن تسمح للسفن الإيرانية بعبور السويس وهي محملة بالأسلحة لقتلنا؟ أنت أيها المصري البطل يا من كنت مرابطا في الميدان.. لو أنك استملتَ دفة الحكم بعد الثورة، هل ستسمح بذلك؟ لا والله أشهد أن حميتك ونخوتك لن تسمح لك. وهذا يعني أن من ادعى تمثيلك ما هو إلا خائن لا يمتُّ لثورتك المجيدة بصلة.
كيف يمكن لأبناء تونس الأحرار أن يرضوا بحكم شخص لا يحمر وجهه غضبا لما يجري لإخوانهم في سوريا، ولا يفتح فمه بكلمة نصرة حقيقية واحدة؟ أين أنتم يا أبناء اليمن السعيد؟ أنتم يا من جمعنا الرسول وإياكم في حديث واحد، كيف لكم أن تسكتوا عما يجري بنا وتتعذروا بانشغالكم بأنفسكم؟ ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”؟؟
أين أنتم يا كرام الأردن؟ أين أنتم من جيرانكم المستضعفين؟ ألا تعتقدون أن مجرد قيام سلطاتكم بترحيل لاجئينا الذين أضربوا عن الطعام؛ يستحق ثورة ضد ملككم الطاغية؟

أنتم يا من سرقتم ثورات أحبابنا، أبطالنا وملهمينا في مصر وتونس واليمن، أنتم أيها الكاذبون المنافقون.. أين أنتم مما يجري في فلسطين؟ لو أنكم كنتم أبناءً حقيقيين لهذه الثورات المجيدة ما وقفتم مواقفكم المخزية حيال ما يجري في أرضنا.. سوّدتم وجوه إخواننا الأحباب أمامنا، ألا سوّد الله وجوهكم كما سوّدتم وجوههم.
أنتم يا أحبتنا يا أهل الخليج.. يا أهل الكرم والجود والنصرة والفزعة، أنتم يا من تعيشون في أكناف مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله إن محبتكم متأصلة في قلوبنا، وأُشهد اللهَ أنكم أكثر الناس تعاطفا معنا ومؤازرة لنا في جهادنا. أترضونَ أن يحكمكم من يدّعي نصرة المسلمين المستضعفين وهو لم يحرك جنديا واحدا؟ لو أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كان مكان أي من حكامكم.. تراه ماذا كان فاعلا؟
ألا يتحرق كل واحد فيكم شوقا ليحمل ولو عصا ويهرول إلى شام الرباط ليجاهد عندنا؟ هؤلاء الذين يحكمونكم.. ماذا قدموا لمساجدنا التي قصفت وقرآننا الذي ديس تحت الأقدام؟ ماذا قدموا لنساء المسلمين اللواتي اغتصبن أمام أزواجهن ثم ذبحن بالسكاكين؟ ماذا قدموا لك يا أخي وأنت تموت كل يوم حزنا وغما على ما يجري في الشام وترجو الجهاد هناك؟
أقول لكم: احذروا أصحاب الشعارات الذين يضحكون على شعوبهم بادّعاء نصرة المظلومين، وهذا نظامنا أكبر مثال عليهم، ادّعى عقودا المقاومة والممانعة وهو أكفر الكفار وأحقر العملاء.. لن أزيد على ذلك واللبيب من الإشارة يفهم.

أسمعتَ أيها القارئ كل هذا الذي قلتُه؟ أشعرتَ بالضيق لأجلنا؟ أتشعر أننا محاصرون من كل مكان ولا مجال لنجاحنا؟ هل تعتقد أن ثورتنا توشك أن تغتال؟ إذا تعال أحدثك عنا.. تعال أُسيِّركَ هُنيهة في شوارعنا.. تعال لأريك الأمور من وجهة نظر ثائر من الداخل.. متظاهر من الشارع.

إن أصغر طفل في أرضنا لا يلقي بالاً لكل هذه التفاهات التي قلتها لك منذ قليل.. نعم أقولها الآن وبوجهك: كل ما بثثته لك من شكوى من العرب والعجم لا نراه أكثر من قمامة مرمية في الشارع.
أتعتقد حقا أننا كنا ننتظر النصر من نبيل العربي أو من كوفي عنان؟ أتعتقد أننا ننتظر النصر من ماما أمريكا التي يعبدها حكامك الخونة ويستأذنونها حتى بالذهاب إلى الحمام؟
إننا لا نلقي بالا لكل هذه الحماقات الدنيوية.. قلناها منذ اليوم الأول “لن نركع إلا لله”، وهذا يعني أن السماء لو سقطت على الأرض لتثنينا عما نحن فيه.. ما انحنى واحد منا.
نحن منصورون بوعد الله، شاء من شاء وأبى من أبى، ثورتنا كانت لدين الله لا لعَرَض من الدنيا قليل، ولذلك تولاها الله ونزهها وحماها من مؤامرات الدنيا كلها.
فلتفعل ما شئت يا مشير مصر، ولتنبح كما شئت يا نبيل العربي، لتكذب كلينتون كما شاءت وليصرّح الكوريّ الأحمق بوجود قاعدة في دمشق.. أنتم أيها الخونة وما تقولون تحت أقدامنا.

أما أنت.. أنت يا من تقولها كلمة عابرة “يا ليتني معكم فأنصركم”، ثم تذهب وتعصي الله هنا وهناك.. اعلم أن الله ناصرنا بك أو بدونك. هو الله ربنا يكفينا.. هو الله يطعمنا وهو يسقينا.. قطعوا عنا الكهرباء والماء والطعام فأحيانا هو وحده.. والله لا نعلم من أين يأتينا الرزق.
نحن لا نحتاج أحدا من البشر الضعفاء لينصرنا فجنود الله تحمينا وترعانا.. فيا طوبى للشام تلك ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها فوقها.
يكفينا شرفا أن أرضنا يذكر فيها الله أكثر من كل بلاد المسلمين.. يكفينا أن “الله أكبر” تصدح في سماءنا كل يوم ملايين المرات.. يكفينا عزة وفخرا أن كل هتافاتنا “لبيك يا الله”، “بالروح بالدم نفديك رسول الله”، “قائدنا للأبد.. سيدنا محمد”، “يا الله مالنا غيرك يا الله”، “لن نركع إلا لله”، “هي لله هي لله.. لا للسلطة ولا للجاه”.
أنت يا من تقول: “لو يفتحون باب الجهاد أكون أول المقاتلين” والمسجد أمام بيتك تتكاسل عن الذهاب إليه.. اعلم أن مساجدنا سويت بالأرض فخرجنا نصلي في الشوارع.
أنت يا من تتشدق وتقول: “بس لو يفتحوا باب الجهاد أكون أشجع الشجعان” وأنت عاصٍ لله لا تملك من الإسلام إلا اسمه.. هل صليت الفجر في المسجد؟ هل كففت بصرك عن الحرام؟ هل امتنعت عن الاختلاط بالأجنبيات؟ هل خشعت في صلاتك؟ هل بكيت يوما لله؟
إن لم تكن كذلك فاسمح لي أن أطلب منك التزام الصمت. لا تفتح فمك وتقل “بس لو يفتحوا باب الجهاد أنصركم يا أخوتي” فأنت لا تعرف أصلا معنى الجهاد.
لا تعرف معنى أن ترمى بالرصاص وأنت واقف تصلي على الشهيد فتسقط شهيدا معه، لا تعرف معنى أن يُقتحم بيتك وتغتصب أمك وأختك أمام عينيك، لا تعرف معنى أن توقف على الحائط مع أخيك وأبيك وجيرانك ثم ترمون جميعا بالرصاص. لا تعرف معنى أن يذبح أخوك الطفل الصغير بالسكين تحت شعار “لبيك يا حسين”.
أنت يا من لا تعرف شيئا عن خالد بن الوليد ولا عن أبي عبيدة بن الجراح، لا تفتح فمك وتجعل نفسك كفؤا لأحفادهم.. قد تخليت عن دينك.. ونحن اليوم نتخلى عنك.
دعني أشرح لك جيدا: نحن في موقع القوة وليس أي أحد آخر.. نحن من سنأتي يوم القيامة لنطلب من الله القصاص من كل واحد فيكم.. سنقول له: يا رب هؤلاء ادّعوا الإسلام وخذلونا فاقتص منهم وآتنا حقنا. ولن ينجوا من حساب الله يومئذ إلا من تمسك بدينه حق التمسك.
افهمني جيدا يا أخي.. نحن حينما نطلب منك أن تنصرنا فإنما نطلب ذلك لأجلك أنت، لا لأجلنا نحن. فنحن منتصرون على أية حال.

ربما أكون قسوت عليكم في الكلام ولكنه الحق.. وأنا اليوم أنذركم وأنتم أحياء كي لا تأتوا يوم القيامة متعذرين بالجهل. حين تريد معصية الله.. تذكر يوم القيامة، وتخيلني واقفا خصما لك أمام الله.. وسآخذ حقي منك.
ولربما يخرج عليّ الآن بعض الطبول المزمّرين للحكام الذين ذممتهم وقبّحتهم.. أقول لهم من الآن: سحقا لكم ولمن تدافعون عنهم، إنكم لم تفهموا معنى الحرية، لم تعرفوا معنى الكرامة، لم تسجدوا لله حق السجود فانحنيتم لغيره.. ألا شاهت وجوهكم في الدنيا والآخرة.
وإني على يقين أن شعوبكم الأبيّة ستتحرر من طغيانكم يوما ما، وفي ذلك اليوم سيكون أبناء سوريا هم أول من يدعم ثوراتهم ويؤيدها.

والحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق