الأربعاء، 9 مايو 2012

حمص… أُضحية الثورة…

يختلف النظام مع الثوار حول الأهداف التي قامت من أجلها الثورة… الثوار يزعمون أنهم يريدون بناء دولة الديمقراطية والمواطنة والقانون… والنظام يدّعي أنهم يريدون إغراق البلاد في الحروب الأهلية والطائفية تنفيذاً لأجندات خارجية يدعمها أعداء الشعب السوري…

ولأجل ذلك فإن النظام سعى وبكل جهده لإثبات إدعاءاته… فعمد بدايةً إلى إغراق البلاد في بحور من الفوضى والتعتيم… ومن ثم دأب على التحريض… مُرافِقاً تحريضه بسلسلة من الجرائم البشعة الكفيلة بجعل الإنسان السوي العاقل يفقد صوابه ويلجأ نحو العنف والانتقام…

ولكي يكتمل المشهد… رأى النظام أن كل من درعا وحماة وادلب ودير الزور ومدن ريف دمشق لا تتناسب مع مخططاته الرامية نحو تفعيل الحرب الأهلية… فسكان تلك المدن ذوو تركيبة طائفية شبه متجانسة… فقرر التركيز على مدينة حمص, والعمل على تنمية الحقد الطائفي بين خيوط نسيجها المتراكب من جميع الطوائف…

عمل النظام على حمص منذ بداية الثورة… وأرسل شِرار قادته إلى هناك… وعمد إلى إزكاء الروح الطائفية… وإلى ضرب أي توافق بين الطوائف… عمد إلى القتل والذبح والخطف والاغتصاب من جميع الطوائف… مجنّداً أسوأ عناصره وأوحشهم… كان كلما حاول الأهالي إطفاء النار وردمها… يعمل على رمي الحطب والوقود فيها…

واستمر في عمله الشيطاني في حمص حتى تحقق له ما أراد… واشتعلت حمص… وتباعدت طوائفها… وبات العنف والدم عنواناً لثورتها… لم يستطع النظام أن يُشِعل النار في أي مدينة كما أشعلها في حمص… لقد وضع كل جهده وعبقريته الإجرامية فيها…

وباتت حمص هي الشاهد الأمثل والأوحد لإدعاءات النظام… فكلما أراد إثبات وجهة نظره حول أهداف الثورة… أشار بالبنان نحو حمص…

ليس النظام فقط… وإنما كل شخصٍ أراد اتهام الثورة… أورد جميع أمثلته من حمص…

لي أصدقاء كُثُر من حمص… ومن جميع طوائفها… وكُنت ألاحظ مقدار الطائفية الشبه معدوم عندهم… كانت البسمة لا تهجر شفاههم… وروح الفكاهة لا تفارق روحهم…

ولكنهم الآن… جميعاً حزينون… مكتئبون… مصدومون…

لاحظوا هنا على المندسة… معظمهم غائبون… بعدما كانت كتاباتهم تبعث في قلوبنا الأمل والطمأنينة…

أرجوكم… ارحموا حمص… وابتعدوا عن حمص… ولا تزيدوا في عذاباتها… إنها من دفع الثمن الأعلى والأصعب من أجل الثورة…

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق