الأحد، 20 مايو 2012

هل الأسد يدعم الجماعات الجهادية في سوريا..؟



يشير الكاتبان آرون زيلين وأندرو تابلر إلى مقطع فيديو نشر على يوتيوب في الثاني عشر من الشهر الجاري تدعي فيه “جبهة النصرة” مسؤوليتها عن التفجيرين اللذين ضربا مجمعاً أمنياً في دمشق وأديا إلى مقتل أكثر من 55 شخصاً وجرح المئات. ويقولان في ما ننقله في العالمية عن تقريرهما المنشور في معهد واشنطن، إنه وبينما بدت الجبهة مجموعة متطرفة حقيقية، فلم يتضح فعلاً ما إذا كانت مسؤولة عن الهجوم أو عن الفيديو. حيث يطرح المقطع تساؤلات حول تلاعب النظام السوري بالأمر على أساس علاقاته المعروفة بمثل هذه المجموعات.

وظهرت هذه المجموعة في المرة الاولى في الرابع والعشرين من كانون الثاني (يناير) الماضي عندما نشرت مقطعاً عبر موقع “المنارة البيضاء” ومنذ ذلك التاريخ أعلنت الجماعة رسمياً عن الهجمات التالية:

- 10 شباط (فبراير)، حلب: انفجار انتحاري مزدوج بالسيارات في مباني قوات الأمن السورية خلف 28 قتيلاً بينهم 4 مدنيين.
- 17 آذار (مارس)، دمشق: هجوم انتحاري ضد مبنى للشرطة ومقر القوات الجوية السورية.
- 20 نيسان (أبريل)، حماه: سيارة مفخخة تستهدف وحدة عسكرية سورية في مطعم قطر الندى.
- 24 نيسان، دمشق: تفجير المركز الثقافي الإيراني في ساحة المرجة.
- 27 نيسان، دمشق: هجوم انتحاري خلال صلاة الجمعة في حي الميادين.
- من 20 نيسان إلى 5 أيار (مايو)، دمشق: زرع عبوات ناسفة لاصقة على سيارات في سلسلة محاولات اغتيال لمسؤولين سوريين.
- 5 أيار، دمشق: عبوتان ناسفتان زرعتا تحت شاحنات في المقر العسكري السوري بشارع الثورة.

وعلى الرغم من توجه أصابع الإتهام في الإعتداء المزدوج في التاسع من أيار إلى جبهة النصرة، فإنّ الفيديو الذي نشر في الثاني عشر من الشهر يختلف بشكل كبير عن المقاطع السابقة التي نشرتها الجبهة كما يلي:

- حمّل الفيديو على يوتيوب، ومن بعدها نشرته المنتديات الجهادية عبر منذ الجبهة الإعلامي.
- ادعى مقطع اليوتيوب أنّه من مؤسسة إبن تيمية، وهي منفذ إعلامي مختلف يديرها جهاديون متطوعون في الأراضي الفلسطينية.
- قال الفيديو إنّه بيان جبهة النصر الرابع، مع أنّ الجبهة بنفسها أعلنت في اليوم نفسه أنّها أطلقت حتى تاريخه 7 إعلانات عبر المنتديات. وكان البيان الفعلي الرابع قد نشر في الخامس من أيار تحت عنوان مختلف.
- تبنى الهجوم “فرع فلسطيني” تابه لجبهة النصرة، وهو فرع لم يتم الإعلان عنه من قبل في البيانات السابقة للجبهة.

كلّ هذا يدعو للتشكيك في أنّ أحداً ما يحاول أن يجعل الجهاديين كبش فداء لتفجيرات التاسع من أيار. ويعتبر النظام السوري مشتبهاً به واضحاً، لكن لا دليل على تورطه، خاصة مع استمراره في التأكيد على أنّ المعارضة السورية مؤلفة من جهاديين إرهابيين أجانب يمارسون مثل هذه التفجيرات المستمرة. وهنالك احتمالية أخرى تقول إنّ عناصر من النظام السوري كحال المخابرات تدرك عدد المقاتلين الأجانب الذين دخلوا إلى سوريا تعتبرهم جهاديين من أجل توظيف المزيد من المقاتلين الذين يرسلون إلى مهمات تستهدف المدنيين. ولا يثبت هذا الأمر فقط وجود الإرهاب بالنسبة للنظام، بل أيضاً يوفر له تبريراً لمنع الغرب وتركيا والدول العربية من تقديم السلاح للمعارضة السورية.

ويشير الكاتبان إلى أنّ النظام السوري كان طوال الفترة الماضية يملك علاقات جيدة مع المجموعات الإسلامية المتطرفة خاصة بعد الغزو الأميركي للعراق والتسهيلات التي قدمها نظام الرئيس بشار الأسد للجهاديين السنّة من كلّ البلاد في مرورهم من أراضيه بعد أن سمح لهم بالتجمع أمام السفارة الأميركية في دمشق مع بدء الغزو. كما كان حوالي 8 في المئة من المقاتلين في تنظيم القاعدة في العراق، بحسب وثيقة سنجار الداخلية للتنظيم، من السوريين.

كما كان للنظام السوري علاقات مماثلة مع تنظيم إسلامي فلسطيني منشق عن فتح الإنتفاضة هو فتح الإسلام. وبينما لم تربط دمشق بالمجموعة علاقات رسمية فإنّ هنالك أسئلة رئيسية حول إطلاق سراح قائدها شاكر العبسي عام 2006 من السجن قبل فترة قصيرة من انشقاقها عن فتح الإنتفاضة. وكان قد سجن العبسي في سوريا لضلوعه في اغتيال الدبلوماسي الأميركي لورنس فولي عام 2002.

وبشكل عام فإنّ نظام الأسد شجع المتطرفين السنّة عندما كان الأمر مناسباً له. ويمكن ضرب مثال على ذلك في الحريق الذي تعرضت له السفارة الدنماركية في دمشق على يد متطرفين إسلاميين عقب نشر صحيفة دنماركية لرسوم مسيئة للرسول عام 2006، حيث أكد شهود عيان على أنّ العملية جرت بمعرفة السلطات السورية.

ويختم الكاتبان تقريرهما بالإشارة إلى أنّ على واشنطن أن تؤكد الغختلاف بين الجماعات المتطرفة والمعارضة المدنية والمسلحة في سوريا. فالجماعات الجهادية الناشطة هناك ليست سوى جزء صغير من المجموعات المعارضة للنظام. والأهم من ذلك أنّ نشاطات المجموعات الجهادية تجد الراحة في ظل النظام السوري؛ فقدرة هذه الجماعات على العمل في سوريا تعززت بسبب العلاقات التاريخية بين النظام السوري والمجموعات السنية المتطرفة. والقمع القاسي الذي يمارسه الأسد مترافقاً مع المساعدة الغربية الهزيلة للمعارضة عززا بشكل كبير رواية الجهاديين في سوريا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق