السبت، 12 مايو 2012

غرافيتي عن حزب الله والانتفاضة السورية‎

“إنّ لبنان وهذه المنطقة هي للإسلام والمسلمين ويجب أن يحكمها الإسلام والمسلمون.” (حسن نصرالله، السفير في 12/7/1987 )
تختصر هذه الغرافيتي المشهد العام للصراع الذي لم يعد خافياً على أحد. الصراع الذي يتمثّل على معركة البقاء للنظام الفاشي في سوريا.

عبارة “الموت ولا المذلّة” التي كانت من أوائل الشعارات التي هتف بها المدنيون السلميون في سوريا ضد الدكتاتور ونظامه تجسّد ملاحم المواجهة اليوميّة التي أدّت إلى موت الآلاف من المواطنين. ورغم أنّ هذه العبارة تشبه لحد بعيد عبارة “هيهات منّا الذلّة”، والتي تُعبّر عن رفض الذل والاضطهاد، والتي يستخدمها حزب الله في ادابه السياسيّة، الجماهيريّة والدينيّة، فقد قام أحدهم، بحذف العبارة المؤيّدة للإنتفاضة السوريّة، واستبدالها بصرخة “يا حسين”، التي يستخدمها أيضاً حزب الله في مناسباته الدينيّة- السياسيّة.
الذي يُراقب عن بُعُد خطاب حزب الله قد يعتقد أنّ هذا التنظيم الايديولوجي المُسلّح يعيش ازدواجيّة وانفصام في الشخصيّة. لذا، من الطبيعي أن يؤيّد حزب الله ثورة شعب البحرينيين في وجه دكتاتورهم، وينكر على السوريين حقهم في الحريّة. هذه ليست ازدواجيّة أو إنفصام شخصي. هذا واقع مجموعة دينيّة- طائفيّة تُدافع عن مصالح طائفتها المحليّة والإقليميّة، تعيش هاجس العيش كأقليّة (نسبة لمحيطها العربي، وليس اللبناني وحسب)، وترتكب أخطاء الأقليّات. لذا، مبادىء “مقاومة الذل والاضطهاد”، تصبح مجرّد شعارات فارغة لا معنى لها عند الحديث عن المصالح.
هكذا، تصبح معركة إسقاط النظام في سوريا، معركة حياة أو موت بالنسبة لحلفائه الطائفيين- الدينيين في لبنان. لذا إنضم حزب الله إلى النظام. يُدافع عنه إعلاميّاً، وسياسيّاً، وبغض النظر عن ما إذا يُشارك عسكريّاً في قتل المدنيين السوريين أم لا، فهو يعتبر سقوط النظام، سقوطاً له أيضاً. وإن كان حزب الله يستخدم مصطلحات مموّهة، و”ذكيّة”، مثل عبارات سلاح المقاومة، ومحور الممانعة، ليُبرر موقفه في دفاعه المستميت عن الجرائم التي يرتكبها النظام الاسدي، فهذه العبارات هي مرادف آخر لـ”سلاح الطائفة”، ومصالح الطائفة التي تمتد من طهران إلى بيروت، مروراً بدمشق والمنامة.
***
في صيف 2006، رمى حزب الله آخر صاروخ على إسرائيل، وكأنّه بذلك أعلن “انتهاء المقاومة”، ليتفرّغ بعدها إلى لبنان. بعد سنتان، دخل بميليشياته إلى شوارع وأزقّة بيروت، والجبل. بهذه العمليّات “المجيدة”، كان حزب الله يخسر جزءاً كبيراً من اللبنانيين، الذين كانوا حتى تلك اللحظة، يعتبرونه “حركة مقاومة ضد الاحتلال”. خلال اسبوع، خسر ما راكمه من تأييد شعبي لبناني خارج طائفته على مدى عقد ونصف، وكأنّ عناصر حزب الله دخلت إلى بيروت والجبل، لتنزع صور حسن نصر الله عن جدران الشوارع ومن بيوت الناس.
هذا الإنحدار لم يتوقّف مع استلام حزب الله للحكم في البلاد. وقوفه إلى جانب نظام البعث ضد الإنتفاضة الشعبيّة، أدّى إلى خسارته لقاعدة شعبيّة واسعة، خصوصاً وأنّ الشارع السوري كان يُعتبر من أبرز الداعمين لحزب الله، وقد كان أكبر حاضن لللاجئين اللبنانيين أثناء عدوان تموز 2006.
من الواضح أنّ السوريين، عند بدء الإنتفاضة، توقّعوا أن يكون حزب الله متعالياً على النعرات الطائفيّة الضيّقة، وأنتظروا منه أن يقف إلى جانبهم، على الأقل بالدعم الكلامي، كما دعم ثورة التونيسيين، المصريين والليبيين، ويدعم ثورة البحرين. تسارع الأحداث كان كافياً لتعرية حزب الله من قناعه، وإبراز نفاقه الذي بلغ حداً مذهلاً.
هكذا بعد أن كانت صور حسن نصر الله ورايات حزب الله تحتل مساحة واسعة من شوارع ومنازل السوريين، أصبح اليوم أبرز الرموز المكروهة لديهم. يكفي أن نقرأ المقالات والتعليقات اليوميّة التي يكتبها السوريون على الإنترنت، إضافة إلى مقاطع الفيديو التي ينتجوها عن حزب الله، للتأكّد من ذلك.
***
من الواضح أنّ حزب الله يعيش في حالة نكران الواقع وتحوّلاته، وفي الوقت عينه يُحاول أن يكون واقعياً والبحث عن دور له في مرحلة ما بعد سقوط النظام الاسدي.
هذا ما يُفسّر إرسال حزب الله، خلال الأشهر السابقة، وفدين سياسيين إلى بكين وموسكو، وهي زيارات استثنائيّة، كون زيارات الحزب لا تتخطى عادة حدود دمشق وطهران. ومن المؤكّد أنّ الوفدين لم يُحاولا إقناع أحفاد ماو تسي تونغ ورجال المافيا الروسيّة باعتماد ولاية الفقيه في تلك الدول. هكذا نقاشات لا تُقام أثناء الإنهيارات الكبرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق