الخميس، 24 مايو 2012

الأسد يعود إلى دفاتر أبيه العتيقة في لبنان

شهدت الساحة اللبنانيه في الأسابيع الأخيرة مجموعة من التطورات الأمنيه التي لا يمكن فهمها إلا ضمن سياق المشهد العام لم يجري على الساحة السوريه …فمن الواضح أن النظام السوري قد إنتقل في الأيام القليلة الماضيه من مرحلة التلويح باستخدام الورقة اللبنانيه في تأزيم أوضاع المنطقة و “اشعالها” أو “زلزلتها” حسب تعبيرات استخدمها قادة هذا النظام خلال الأشهر
العشرة المنصرمة …إلى مرحلة الاستعراض الفعلي لقدرة النظام على تحريك عملائه (التعبير هنا توصيفي وليس ذمي) على الأراضي اللبنانيه من أجل إيصال رسالة واضحة إلى من يعنيهم الأمر بان عددا من الأوراق ما زال في حوزة هذا النظام وبانه لن يتوانى عن استخدامها الوحدة تلو الأخرى قبل أن يسقط …
إلا أن ما يجري اليوم في لبنان حقيقة لا يمكن باي حال من الأحوال أن يفسر على أنه استعراض قوة كما يريد له النظام ..بل هو بكل بساطة مؤشر على الحالة التي وصل إليها هذا النظام …فورقة التدخل في الوضع الأمني اللبناني تشابه في مفاعيلها ورقة استخدام أسلحة التدمير الشامل التي تلوح بها الدول بهدف الردع…لانها إذا ما استخدمت فعليا فقدت قيمتها ….لانعدام القدرة على التحكم بنتائجها التدميريه على من استخدمها قبل غيره …
اليوم يقارب السيد بشار الأسد أخطر المحظورات دوليا عبر محاولته اشعال الوضع اللبناني الداخلي …وكل ظنه أنه يراقص القوى الدوليه ويراسلها عبر صندوق بريد والده القديم … ما لا يعيه السيد الأسد هو أن تلك القوى الدوليه التي صمتت على ممارساته بحق الشعب السوري انما فعلت ذلك كون سوريا لا تعنيها بقدر ما يعنيها استقرار المنطقة… لما يعنيه ذلك لامن اسرائيل ولسلامة تدفق النفط ولتحيد تعقيدات العامل الايراني …. أما وأن يتحول التهديد السوري باشعال المنطقة إلى حقيقة وإن عبر الملعب اللبناني فان ذلك سيعني نهايه النظام السوري قبل أن يصل عود ثقبه إلى بلدة المريجات ..ناهيك عن طرابلس وبيروت
يلعب النظام السوري اليوم بمقومات نجاته حتى اللحظة إذ يحاول الأنتقال من اللعب مع شعبه الأعزل (والمعزول) إلى اللعب مع قوى لم تكترث يوما لهذا الشعب ولكنها ستنهي حكم هذا النظام بضربة واحدة إذا ما حاول ازعاجها فعليا في مناطق مصالحها الحيويه ….
قد يظن الأسد أن التصريحات القلقة المتواليه من شتى أصقاع الأرض على أمن لبنان انما تصب في مصلحته وتعني بشكل أو باخر اعتراف مطلقيها بحاجتهم إلى الأسد إذا ما ارادو استقرار لبنان …وهو تاليا لا يعي مثلا أن تصريحات الرئيس الفرنسي عن الخشية من إنتشار العنف في المنطقة انما كانت تحذيرا لمن يحاول نشر العنف ….وأن قلق الخارجية الأمريكيه من تطورات الوضع في لبنان ليس قلق في العموم …وانما رسالة لمن يحاول العبث بامن لبنان ….وأن توجس الأمين العام اللامم المتحدة من حالة عدم الأستقرار في لبنان تحاكي تصريحات رئيس البرلمان العربي بان ما يحدث في لبنان هو لتخفيف الضغط عن النظام السوري….وأن برقية الملك السعودي إلى الرئيس اللبناني هي تنبيه وتحذير بان على الأخير الاضطلاع بمسؤلياته تجاه بلده وشعبه و تقديمهما على مصلحة مافيا الحكم السوريه
يبقى الدور الأكبر الأن من مسؤوليه المجتمع المدني اللبناني فقد مر لبنان بالتجربة سابقا …ودفع اثمان باهظه لحروب الاخرين …وله من الوعي أن لا ينساق إلى التكرار حتى يتعلم …
ويبقى الدور الأكبر أيضا من مسؤوليه الشعب السوري الجريح….ليس لنا في لبنان أعداء … فمن كان يكرهنا فقد كان يكره فينا حكم الأسد .. من خرج ضد جيشنا وكنا عاجزين عن فهم حقده علينا ..قد خرج ضد عصابات الأسد ….أما أولئك الذين ناصبونا العداء مؤخرا .. أولئك الذين يقفون اليوم ضد حلم الحريه السوري فهم ليسو أعداء لنا ….لا شأن لنا و عدائهم …نحن نعمل ب أصلنا …و نرقب أن يعودو لاصلهم …فليس ما يخيفهم في سوريا المستقبل … تذكر كيف فتحت لهم بيوتك …كيف رفعت صور قادتهم … كيف كنت تبيعهم البضائع بارخص ما تبيعها لابناء بلدك… لا لشيء إلا لانهم صامدون …. لن يفرقنا اليوم عنهم قصورهم عن فهم معنى الحريه …فسيأتي عليهم يوما فيقول قائلهم : أنا الأن فهمتكم….تماما كما نقول اليوم لمن كان يقاوم احتلال الأسد للبنان
أخيرا يخطيء النظام السوري عندما يظن أن الدنيا توقفت على ساعة حافظ الأسد ….يخطيء عندما يظن أن بامكانه تهديد الأمن الدولي واللعب مع الكبار (الكبار الذين لا يعنيهم الشعب السوري بشيء)….يخطيء عندما يظن أن لبنان ما زال عنوانا بريديا صالحاً …ويخطيء عندما يظن أنه يستخدم أوراقا بينما هو في الواقع يحرقها ويحرق نفسه إلى غير رجعه
——————————————————
إحدى المفارقات اليوم كانت خروج المتحدث باسم الخارجيه السوريه ليؤكد بان “أمن لبنان من أمن سوريا” جملة وإن كان يعني من خلالها التأكيد على أن النظام لا علاقة له بما يجري في لبنان إلا أنها تذكرني بعبارة رامي مخلوف مهددا إسرائيل إذا لم تتدخل لحمايه أبن عمته عندما قال أن “أمن اسرائيل من أمن سوريا”…ربما هي زلة “فرويد “

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق