الأحد، 12 أغسطس 2012

مقالتوا المعارضة السورية يشقون ممرات عبر المباني لتفادي القناصة


يفحص أربعة من مقاتلي الجيش السوري الحر المعارض بنادقهم الهجومية ويعلقونها على أكتافهم.
ويستدعيهم قائدهم أبو ثابت ليعطي لهم التعليمات النهائية قبل أن يمضوا في طريقهم المحفوف بخطر الموت في حي صلاح الدين في مدينة حلب الملئ بالقناصة.
وتعليمات أبو ثابت لهم هي أن تبقى رؤوسهم منحنية وأن يلتصقوا بالمباني أثناء سيرهم وأن يمشوا بسرعة.
وينظر إلى حلب كبرى المدن السورية ومحرك اقتصادها باعتبارها جائزة حيوية لكلا الطرفين في الانتفاضة التي بدأت قبل 17 شهرا ضد بشار الأسد.
وانضم طاقم من رويترز إلى المجموعة من كتيبة سيوف الشهباء وهم في طريقهم لتعزيز 20 من أفراد الكتيبة.
وسيطر مقاتلو المعارضة على حي صلاح الدين في أوائل هذا الشهر ولكن القوات المدعومة بدبابات وطائرات حربية وطائرات
هليكوبتر شنت في الأسبوع الماضي هجوما ضاريا لاخراجهم.
وتم نشر قناصة الجيش في المنطقة وهي مدخل جنوبي لمدينة حلب بعد أن قصفت الدبابات والطائرات مقاتلي المعارضة على مدى أيام.
ويتصدى المعارضون الذين يعانون نقصا في الذخيرة لقوة نيران الأسد الأكثر تفوقا رغم صعوبة أن تقوم الدبابات بالمناورة في الشوارع السكنية الضيقة في المدينة التي يقطنها 2.5 مليون نسمة.
ويدخل رجال أبو ثابت طرف حي صلاح الدين في طابور منفرد ملتصقين بالمباني ويقبضون على بنادقهم بقوة.
والذراع اليسرى لقائدهم الذي كان يرتدي زيا وقميصا بدون أكمام موضوعة في حمالة بعد أن أصابت شظية كتفه بكسور قبل أيام. ويمسك بيده السليمة مسدسا.
وعلى الجانب الآخر من الشوارع الخالية يطير الذباب فوق أكوام هائلة من القمامة المتعفنة.
وفي أعلى مبنى يجثو مقاتل من المعارضة على نافذة حافي القدمين وممسكا ببندقية استعدادا لأن يرد على نيران أي قناص من الجيش.
وتدخل المجموعة مبنى تعرض للقصف متسلقين على الخرسانة المتساقطة ومستخدمين سلما خشبيا متنقل. وأحدث رجال أبو ثابت فتحات في الجدران لشق ممرات آمنة لهم للتحرك في حي صلاح الدين بعيدا عن أعين القناصة.
قال أبو ثابت شارحا ما يحدث “نحن الآن في شارع مواز لشارع الألبسة … إلى يميننا قناصة وقناصة على اليسار. لذلك فإننا سنمر من هذه المباني كي نصل إلى ميدان صلاح الدين.” ويأخذهم المبنى في متاهة من الفتحات عبر بيوت مهجورة وممرات في شقق متلاصقة إلى أن يصلوا إلى الميدان الذي يشكل الآن الجبهة.
والفتحات في الجدران ضيقة وأطرافها مسننة بكسر الطوب ويمر المعارضون بصعوبة من خلال هذه الفتحات. الساقان أولا ثم الذارعان مما يؤدي إلى خدش بشرتهم ويلون الغبار شعورهم باللون الأبيض.
وهناك أدلة في كل مكان على أن هناك حياة هجرت.
سجادة صلاة على الأرض في غرفة معيشة خالية. وفي غرفة أخرى هناك خزانة مملوء بأواني الشاي الخزفية وأكواب من البلور. وقفص طائر فارغ. وفي مطبخ هناك على طاولة جرة من المخلل أكل نصفه ومتعفن ويحوم الذباب على كومة من الأطباق في الحوض.
وفي إحدى الشقق يستخدم المعارضون الغرفة الرئيسية كمستودع للأسلحة يضعون الذخيرة والقذائف الصاروخية فوق مفرش أحمر يغطي سرير.
والممرات معتمة والمسار المتعرج والدرج المؤدي من شقة لشقة يجعل من الصعب معرفة كم مبنى تم اجتيازه.
والفتحة الأخيرة من خلال خزانة خشبية كبيرة وخلفها فتحة باتساع مترين تؤدي إلى شقة مملوءة بزجاجات للمياه والخبز.
ويتكدس نحو خمسة معارضين في ممر في انتظار للأوامر. وفي غرفة معيشة صغيرة تضيء شمعة أريكة وصورة للعائلة فوق جهاز تلفزيون صغير.
وأعلن أبو ثابت وهو يخرج إلى شارع فسيح “نحن الآن في ميدان صلاح الدين. الجبهة الجديدة في المعركة على حلب.” وأضاف “الجيش يقف خلف هذا المبنى مباشرة.” وفي طرف شارع صغير في مواجهة الميدان تتخذ مجموعة من خمسة مقاتلين من المعارضة ساترا خلف جدار متهدم.
قال أبو يزن )29 عاما( وهو منشق عن الجيش ومسؤول عن المقاتلين في الميدان “الجيش يتقدم في اتجاه ميدان صلاح الدين جالبا معه المزيد من التعزيزات.” وأضاف “استراتيجيتهم الآن هي محاولة اقتحام جدران المباني حولنا كي يتمكنوا من التقدم وأخذ مواقعنا.” وبدأ القناصة يطلقون النار والرصاصات تمر بسرعة خاطفة فوق الرؤوس.
وفجأة بدأ سمع صوت دبابة وهي تتقدم ببطئ من أحد الشوارع هناك.
وصاح رجل “دبابة.. دبابة.” وبسرعة رفع مقاتل قذيفة صاروخية فوق كتفه وصار إلى أن جلس في وضع القرفصاء في ساحة مملوءة بالأنقاض.
وصاح رجل مكبرا رافعا ذراعيه فوق رأسه ليحث الرجال للانضمام إليه. وصاح جميع الرجال وعددهم 20 رجلا مكبرين.
وبعد ثوان انطلقت القذيفة الصاروخية ثم سمع دوي انفجار.
وصاح الرجل الذي أطلقها معلنا إصابته الهدف بينما أعد زملاءه قنبلة جديدة وقاموا بتركيبها على القاذف.
ثم سمع صوت تنبيه لرسالة نصية بيان للحكومة يزعم أن قواتها سيطرت على حي صلاح الدين وطهرته من المعارضة. ويضحك الرجال.
ولكن بعد دقائق كانت قذيفة دبابة تطير فوق الرؤوس وتنفجر في مبنى قريب ويصم دويها الآذان.
ثم تنفجر قذيفة دبابة أخرى ويطلق مقاتلو المعارضة قذيفة صاروخية أخرى لتستدعي ردا بوابل من قذائف المورتر تتساقط كالمطر لتملأ الجو بالدخان والشظايا.
ويصرخ أبو مازن “سيطلقون المزيد من قذائف المورتر. اختبئوا.” وطلب المقاتلون المذعورون من الصحفيين أن يغادروا المكان بحثا عن مكان آمن.
ويهتف مقاتل آخر ملوحا ببندقيته الآلية “إنهم ينتقمون..
سيهدمون هذا المكان بقذائف المورتر.” وفي طريق العودة سقطت قذائف ويتعرض مبنى قريب للقصف مما أدى إلى سقوط عمود إنارة وتهاوي الأسلاك بقوة على الأرض.
وانفجرت خمس قذائف دبابات. وأزت طائرت حربية محلقة وهي تطلق النيران لأسفل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق